الكاتبة : طفلة الضباب
قد تحدث لحظات تترك في حياتنا علامة مؤذية كالطقس المتطرف لا سبيل إلى محوها، ليست كل الخسارات تعلن عن نفسها بضجيج الانهيار، بل كثيراً ما تكون كالحجر الذي يلقى في بحيرة عميقة لا يظهر أثره المائي على السطح مباشرة، بعد أن يكون قد حدّد مساره الذي لا عودة فيه.
علينا الاعتراف بصدق أن الفقد ليس سحابة عابرة، بل ثقب أسود في نسيج الحياة، أخذ كل المسرات وترك وراءه حياة موحشة.
إن محاولاتنا لنسيان ذلك الغائب هي محاولة لا جدوى منها فالروح قد امتلأت به يوماً، ذاكرتي التي تحمل الحب هي ذاتها التي تحمل الألم، نفقد الشعور بالشغف والطموح والنجاح والإحساس بالسعادة التي هي جزء من أسلوب ونمط الحياة البسيطة والعميقة، يصبح الروتين اليومي والمشهد رمادياً.
يتلاشى كل شيء من الانتماء للحياة الفرح الأمان الذي كان يمنحها الوجود والزخم بأن كل أمر له قيمة، إحساس بالفقد والحزن في آن واحد يطرق الأرواح دون استئذان، يجعلنا دائماً نتساءل : أين ذهبت تلك البهجة العفوية ؟
تأتي الظروف القاهرة في وقت قد لا تكون مستعداً لها، وتتراكم رويداً رويداً حتى تجعل منك إنسان لا تشبه نسختك السابقة، تنطوي عن العالم وتعيش كل الأيام تتخيل هذا الواقع ماهو إلا عالم افتراضي، تتمنى لو أن ما حدث ليس إلا حلم تريد أن تستيقظ منه على أمل أن تعود لك الحياة.
غائبي الذي يقرأ أنين السطور، أحقاً لن تعود ؟ أبحث عنك في المنازل التي زرتها، في المدن التي سافرت إليها، في زياراتك للأهل والأصدقاء، في الطرقات التي بات الأمر والسير فيها مخيفاً، في حضورك، في مرآة الآخرين، وملامح الآباء، في رسائلك حتى فقدت نفسي من أنا.
في هذه اللحظات الهشة جداً، لا مفر من لحظة التحوّل القاسية، أعود هنا للقائك حيث أثرك أصدق من الحضور،
لقد أرهقت تماماً لازلت أبكيك تفاقم كل شيء المسؤولية الألم المرض، لقد دونت لك في الكتاب كل الظروف التي واجهتها في غيابك، هذا الكتاب الذي لن يُقرأ، لماذا نخوض مناقشات حادة حوله؟ أتساءل دائماً في كل لحظة هل يمكن إيجاد حلّ لتباينات الأذواق والتفضيلات على نحوٍ يرضي الجميع.
أكتب في هذا الكتاب سراً لتكرار محاولاتهم طلب التوقف عن الكتابة فيه، بغية الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها الكثير أتناول التدوين عنها لاحقاً.





