بقلم الكاتب أ. صالح الرِّيمي
الانشغال بالهاتف في المجالس أصبحت عادة لدى كثير من الناس وهذا ليس من الأدب النبوي ولا من أداب المجالس، يقول المفكر الإسلامي عبدالكريم بكار:
“لو كان للأدب والذوق العام قوانين تُكتب كما تُكتب قوانين المرور، لكان من بينها: أن تصفّح الهاتف في مجلسٍ عامٍّ أو بين الأهل أو الأصدقاء ليس من الأدب، وخاصةً في حضرة الوالدين، فليس أشدَّ عليهم من أن يروك حاضرًا بجسدك، غائبًا عنهم بروحك” ..
ومن قواعد المجلس أن تحضر بعقلك وقلبك، ومن أدب الحضور أن تمنح من أمامك انتباهك الكامل، فذلك أبلغُ في التقدير من أيِّ كلمة، والطوارئ لها أحكامها، فإن جاءك اتصالٌ عاجل، فاعتذر بلُطفٍ، ثم عُد إلى حديثك.
في جلساتنا وحواراتنا انتشر سلوك الانشغال بالهاتف حتى أصبح مألوفًا، مع أنه عادةٌ ينبغي أن نقاومها جميعًا؛ لأنها تجعل مجالسنا أقلَّ جمالًا وأقلَّ متعة، بينما المجالس الأصيلة تُضفي على الأرواح بهجةً، وعلى النفوس ذوقًا، وعلى العلاقات دفئًا ومحبّة ..
فهل ثقافتنا العربية غير قابله للتعديل الأخلاقي وخصوصًا في المجالس الخاصة بنسبة كبيرة؟ لأني أجد البعض لا يقدر الآداب الاجتماعية في المجالس وهي شبه مغيّبة، وطالما أننا نترك الطفل يفعل ما يشاء بدعوى أنه صغير، فيشبّ على الفوضى وعدم الإنتباه لأي آداب أو تصرفات لبقة.
والانشغال بالهاتف في المجالس يؤثر سلبًا على العلاقات الاجتماعية ويُعتبر تصرفاً غير لائق، فهو يُشعر الآخرين بالتجاهل وعدم الأهمية، ويقلل من التواصل البصري والفعلي، وقد يؤدي إلى الشعور بالملل والقلق والتقليل من مستوى الرضا في العلاقات الشخصية والزوجية ..
ومن الأفضل الالتزام بأدبيات المجلس واحترام الحضور من خلال إعطاء الأولوية للتواصل المباشر وتجنب الانشغال بالهاتف
*ترويقة:*
وفقًا لمحاضرة علم النفس في جامعة نورثمبريا البريطانية جينافي براون في بحث علمي نشرته في مجلة (the journal Emerging Adulthood)، كشفت عن نتائج الدراسة التي أجرتها بأن كافة المشاركين ذكروا أن تواصلهم وحديثهم مع الأصدقاء يتضرر عندما يستخدمون هواتفهم بغض النظر عن مدى قوة هذه الصداقة، وأنه كلما ازداد استخدام الهواتف خلال اللقاءات والتجمع مع الأصدقاء، كلما قل الوقت الذي نقضيه معهم في الحديث والتواصل.
*ومضة:*
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اتَّخَذَ خَاتَمًا فَلَبِسَهُ، قَالَ: «شَغَلَنِي هَذَا عَنْكُمْ مُنْذُ الْيَوْمَ ، إِلَيْهِ نَظْرَةٌ، وَإِلَيْكُمْ نَظْرَةٌ ، ثُمَّ أَلْقَاهُ».
*كُن مُتََفائِلاً وَابعَث البِشر فِيمَن حَولَك*




