بقلم الكاتب أ.أحمد علي عسيري
اليوم أطلق الدفاع المدني تنفيذ تجربة ميدانية لاختبار صافرات الإنذار الثابته في ثلاث مناطق و أيضاً عبر المنصة الوطنية للإنذار المبكر
وبالرغم من إعلان الدفاع المدني هذا الشيء وتطمين المواطنين
ومع ذلك فإن لهذه الصافرات شيء من الفزع والرهبة بالرغم أنها لم تتجاوز ثوانٍ منذ إطلاقها لأننا في بلدٍ آمن ولله الحمد لم نعتد على مثل هذه الصافرات ونسأل الله ألا نسمعها إلا في مثل هذه الإنذارات وماشابهها
هذا الإنذارٌ كان كفيلاً بأن يعيد ترتيب أولويات القلب فمع علمنا ودرايتنا بعد إشعار الجهات المختصة بموعد وزمن هذه الصافرات وأن هذا الإنذار ليس ولله الحمد لأي سبب كان وإنما للتجربة ، ولكنه أيقظ فينا ذاكرةً نُسيت مع صخب الأيام ذاكرةُ النِعَمِ الدقيقةِ التي نسير فوقها كل يومِ ونحن نظنها مُسَلْمَة هناك في فراغٍ بين دويٍّ وصدى تبيّن أن السلامة ليست حالًا بديهياً بل هبةٌ تحتاجُ إلى شكرٍ وحرصٍ وسهرٍ
الأمنُ ليس مجرد غيابٍ للخطر بل هو حضورٌ لصوتٍ داخليٍ يُنصتُ للعيشِ بحُريةٍ وطمأنينة، فذلك أثرُ فعلٍ منظّمٍ لا يراه كثيرون تنظيمُ دولة أعزها الله جعلت أمن مواطنيها أولوية قصوى وجهد رجالٍ يعملون في الظلّ دون ضجيجٍ ولا تمثيل هؤلاء رجال الوطن هم الذين يحولون الخوفَ إلى روتينٍ يُمكّننا من البناء والعمل والحلم
ذلك الإنذارُ ولو كان وقتاً وجيزاً ولكنه أعاد إلينا درسَ الشكرِ ؛ الشكرُ الذي لا يختزل في كلماتٍ عابرة بل يتجلى في وعيٍ يوميّ
وعيٍ باحترام النظام وبالمشاركة المجتمعية وبالالتزام بالمواطنة وبالدعاء الصادق لأولئك الذين يحملون الأمانَ على عاتقهم فالشكرُ دوامٌ لا يزول بلمحةٍ وتغريدة وإنما يستدعي التزامًا أخلاقيًا عمليًا يجعل من النعمةِ مسؤوليةً لا رفاهية
ولعلّ من أجمل ما قدّمته تلك اللحظاتُ أنها أعادت أنظارنا إلى ترتيب أولويات أمست ثانويه في حياتنا وكلها من فضل الله علينا ثم حكمة راشدة من ولاة أمورنا
فالمجتمعُ الواعيُ ليس فقط من يزدانُ بشعاراتٍ بل من يمدّ يدَه للجارِ إن احتاجَ ويقدمُ العونَ دون انتظارِ مديح ويؤمنُ بأن الحفاظَ على السلامةِ مسؤوليةٌ مشتركة في تلك اللحظة البسيطة ندرك أن الأمانَ يُبنى بالكلماتِ الطيبةِ والالتزامات الصغيرةِ قبل أن يُحصّنها السلاحُ والنظامُ
ومع امتداد الامتنان يبقى الدعاءُ كترنيمةٍ رقيقةٍ تردّدها الشفاه فاللهم احفظ بلادنا من كل سوء وارزق ولاة أمرنا الحكمةَ والعون والتوفيق والسداد
وأبعد عن هذه البلاد كل مكروه ،
واحفظها وأدم عليها نعمة الأمن والأمان وارزقنا شكر نعمك ظاهرة وباطنة .




