المقالات

“من العلاج إلى الوحدة”

الكاتبة: طفلة الضباب

أن يشعر الشخص دائماً أنه جسد بلا روح بين الناس، يبتسم لهم ويضحك معهم، لكنه ليس هنا ؟! الروح مسافرة في مكان آخر.

في وحدة قاسية لا يفهمها أحد، هذا الألم النفسي والجسدي معاً؛ إنه شيء فضيع يسرق الألوان والأحلام، يجعلك تمكث مرّغماً في حجرة مظلمة لا سبيل للوصول إليها.

تنظر للشمس تتسلل خيوطها بعيدة خلف النافذة ساطعة قوية، وتتساءل حدّ القسوة لماذا كلما حاولنا أن نبوح، وربما نفضّل التدوين عما نشعر به، لا يريد أحد أن ينصت لنا مهما حاولنا إيصال مشاعرنا بكل الوسائل أن تعيش حبيس المرض النفسي، والكل يكتفي بجملة “ستكون بخير”، الباردة.

هناك ما يثقل القلب حقاً أن تتألم والأقسى؟ عندما تسمع عبارة يجب عليك التوقف عن مراجعة العيادة النفسية، سيقابلك أحد الأصدقاء، وسيُحدّث الكلّ عنك.

وهذا ما يجعل الأمر أكثر صعوبة عدم إيجاد فرصة عمل بعد التخرج، وكأن الوظيفة أهم من أن تتنفس، يصبح شخصك والأدوية أصدقاء عندما خذلك الجميع، أنت لست نصف حضور ولا حضوراً مشروطاً بالخوف.

وفي اليوم العالمي للصحة النفسية 2025؛ الذي لم أكن أعي معناه سابقاً قبل المرض، أجد نفسي أتابع كل كلمة، وكل خبر، وكل رسالة، وكل ورشة عمل، وكل مؤتمر، وكل الجلسات الحوارية التي تقام في كل الجهات، تشارك بالتوعية والإسناد وتقديم المساعدة، سأقوم باختيار شيء واحد أن أكون قوية بصدق حتى لو كنت ضعيفة أمام الملأ، كم من جلسة غادرتها وأنا لا أستطيع النظر في أعين الناس، وكم من مرة ذهبت للعيادة ولم أستطيع أن أدفع ثمن الدواء، لا أحد يفهمك حتى وإن اختبأت بعيداً.

لن يتقبلك أحد، تجد نفسك تعيد تعريف العلاقات، متى وكيف تحضر، حتى تأخذك الأيام من كل شيء تبقى وحيداً والوحدة ملاذك في الحياة، تكاد كل الأشياء بلا أهمية لا قيمة لها.

وتبقى الوحدة، الغربة، الصراع مع الأدوية، الضغط الاجتماعي الشاهد الوحيد على إنهيارك، وفي هذه الرحلة تُكّشف لك الحقائق عندما يتخلى كل البشر عنك، وتخشى التحدث والاقتراب منهم لأنك لا تملك الكلمات لتصف لهم هذا الشعور تعود إلى عزلتك، في هذا المنفى الذاتي، لست قصة الآخرين، كن قوياً لأنك تخوض معركة لا يشاهدها أحد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى